0 تصويتات
بواسطة

الموضوع الثالث

إن القوانين والنظريات قواعد عمل ليس معيار صدقها هو التجربة، بل إن المعيار هو الانسجام بين مكوناتها، ويترتب عن ذلك أن "التجربة الحاسمة" لا توجد في العلم ، أي أنه يستحيل العثور على تجربة تدحض دحضا تاما فرضية من الفرضيات أو تؤكدها تأكيدا قاطعا . إننا لا نجد فرضية صحيحة صحة مطلقة، بل نجد فرضيات نصححها باستمرار كي تتلاءم مع مطلبي البساطة و الانسجام، فليست التجربة وحدها هي التي تؤدي إلى تطوير نظرياتنا بل نجاعة هذه النظريات نفسها، لهذا ، فإن الاستقراء بمفهومه التقليدي غير موجود. إن اختياراتنا لا تصدر، أساسا، عن معطيات تجريبية، بل عن اعتبارات تتعلق بالتماسك والملاءمة. وبناء عليه ، تكون النظريات الفيزيائية مثلا، مبنية و ليست معطاة ويتم إثبات الفرضيات أو نفيها انطلاقا من فرضيات أخرى اعتمادا على اعتبارات اليسر والبساطة و ليس بإملاء من اعتبارات تجريبية وهكذا، فإن تحقيق الفرضية لا يسير من الفرضية إلى التجربة و من التجربة إلى الفرضية، بل يسير في اتجاه دائري من الفرضية المعنية بالبحث إلى فرضيات أو تركيبات أخرى من النوع نفسه وحيث إن الفرضيات يحقق بعضها بعضا تأكيدا أو تكذيبا في استقلال عن التجربة و عن الوقائع الأولى الخام، فإن هناك دائما إمكانية لوجود عدد من الأنساق النظرية المتناقضة فيما بينها ، لكننا نختار من بينها تلك التي يتوفر فيها شرطا اليسر والانسجام.

حلل (ي) النص وناقشه (يه).

الإجابة الصحيحة هي: 

من خلال المفاهيم المتضمنة في النص، يتضح أنه يتأطر ضمن مجزوءة "النظرية والتجربة"، وهي المجزوءة التي تدرس العلاقة بين النظرية العلمية والتجربة العملية، وتعنى بفهم كيف تتأسس المعرفة العلمية وتتحقق. وتحديدا في إطار مفهوم "النظرية العلمية"، ويطرح قضية "علاقة النظرية بالتجربة"، وبالتالي يعيد طرح المفارقات التالية: "هل يمكن فصل النظرية العلمية عن التجربة؟" و"كيف يمكن تحقيق الانسجام بين النظرية ومكوناتها؟"، مما يفرض الإجابة عن التساؤلات التالية قصد معالجته: كيف تتأسس النظرية العلمية على التجربة؟ وهل يمكن أن تكون هناك نظرية علمية منفصلة عن التجربة؟

يقدم صاحب النص جوابا واضحا عن التساؤلات السابقة من خلال موقفه القائل بأن القوانين والنظريات قواعد عمل يصعب فصلها عن التجربة. بمعنى أن التجربة هي أساس بناء النظرية العلمية ولا يمكن أن تكون النظرية مستقلة عن التجربة. ولقد اعتمد صاحب النص في صياغة أطروحته على مجموعة من الأفكار المترابطة، حيث يبدأ بفكرة أن القوانين والنظريات تحتاج إلى التجربة لتحقيق الانسجام بينها وبين مكوناتها، ثم ينتقل إلى أن المعيار الأساسي للنظرية هو التجربة التي تصدق أو تكذبها. من الواضح أن فهم هذه الأفكار يرجع إلى تحديد دلالة المفاهيم التالية: "القوانين" و"النظريات" و"التجربة". ولقد اعتمد صاحب النص على بنية حجاجية تتمثل في استخدام حجج منطقية وأمثلة علمية تؤكد على ضرورة التجربة في تكوين النظرية العلمية.

يتجلى من خلال تحليل النص أهمية أطروحته بالنظر إلى تأكيده على العلاقة الوثيقة بين النظرية والتجربة، وهذا يكسب أطروحته مكانة أساسية بالنظر إلى المواقف التي تؤيدها أو تستبعدها. وبالرجوع إلى تاريخ الفلسفة نجد أن لهذه الأطروحة مواقف مؤيدة، مثل موقف الفيلسوف "فرنسيس بيكون" الذي يعتبر التجربة أساس كل معرفة علمية، وموقف "كارل بوبر" الذي يؤكد أن النظرية يجب أن تكون قابلة للتكذيب من خلال التجربة. كما أن هناك من عارض هذا الموقف بشكل واضح، كالفيلسوف "إيمانويل كانط"، حيث يعتبر أن هناك مفاهيم قبلية لا تستند إلى التجربة ولكنها ضرورية لتكوين المعرفة.

كتركيب عام يمكن القول إن القوانين والنظريات لا يمكن فصلها عن التجربة، لأن التجربة هي التي تصدق أو تكذب النظرية. وهذا ما يبين أهمية الإشكال المعالج في تأكيد العلاقة الوثيقة بين النظرية والتجربة، ومدى حضوره في الواقع المعاش، حيث إن كل نظرية علمية تحتاج إلى اختبار تجريبي لتحقيق صحتها. وعموما يبدو لي بأن التجربة تظل الأساس الذي يبني عليه العلم نظرياته وقوانينه، ويظل الانسجام بين النظرية والتجربة هو المعيار الأساسي لتحقيق المعرفة العلمية الحقيقية.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
إن القوانين والنظريات قواعد عمل ليس معيار صدقها هو التجربة، بل إن المعيار هو الانسجام بين مكوناتها، ويترتب عن ذلك أن "التجربة الحاسمة" لا توجد في العلم ، أي أنه يستحيل العثور على تجربة تدحض دحضا تاما فرضية من الفرضيات أو تؤكدها تأكيدا قاطعا

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بك إلى علم السؤال، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...